التقرب الى الله بالأعمال الصالحه والتقوى هما معیار الإنسان المؤمن إذ لیس لله مع احدٍ قرابه

بسمه تعالى

التقرب الى الله بالأعمال الصالحه والتقوى هما معیار الإنسان المؤمن إذ لیس لله مع احدٍ قرابه

الأربعاء ۱۲ رجب ۱۴۴۵

۲۴/۱/۲۰۲۴

أکد سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) على ان المقیاس الحقیقی للتکریم والقرب الإلهی هو تقوى الانسان وعمله الصالح {إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ} [الحجرات: ۱۳] {قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ} [آل عمران: ۳۱] ومن أراد التوفیق لیکون حبیباً عند الله تعالى فلیطع الرسول ویلتزم بما جاء به لیحظى بالکرامه لدیه.

جاء ذلک خلال درس تفسیر القران الکریم الأسبوعی الذی یلقیه على جمع من طلبه الحوزه العلمیه بمکتبه فی النجف الاشرف وکان فی ضوء الایه الکریمه {وَقَالَتِ الْیَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائده: ۱۸].

وبیّن سماحتُهُ ان الآیه الکریمه تتعرض لظاهره جاهلیه تسقط فیها المجتمعات عندما تکبر أنانیتها ولا تستشعر العبودیه لله تعالى، وهی الشعور بالاستعلاء والتمیّز عن بقیه الناس لا لکمالٍ حازوه أو فضیله اتصفوا بها، وإنما لمجرد انتمائهم إلى عقیده معینه أو جنس بشری أو اتجاه فکری أو عشیره أو مدینه معینه ونحو ذلک من أشکال التعصب للانتماء بحیث تشعر الجماعه أنهم شعب الله المختار، وأنهم الجنس البشری الأرقى والأفضل لمجرد هذا الانتماء من دون عمل صالح یستحقون به التقدم على الآخرین.

ولکی تمیّز مثل هذه الجماعه نفسها فإنها تشرِّع لنفسها أحکاماً خاصه بها، کما کانت قریش تسمی نفسها بالحُمُس فی الجاهلیه فلا تزّوِج نساءها إلى غیرهم لکنهم یتزوجون من الآخرین، وغیر ذلک، وجرت على ذلک بعض القبائل إلى الیوم.

کما أوضح سماحتُهُ ان القران الکریم فضح العقائد المنحرفه للیهود والنصارى التی کانوا یروّجونها لیقنعوا الآخرین بتفوقهم علیهم وأن لهم الکلمه العلیا، وعلى الآخرین أی یتّبعوهم وهم یعلمون قبل غیرهم بطلان هذه الاعتقادات لکنهم یراهنون على تجهیل الناس للوصول إلى أهدافهم وهو تحصیل المزید من المکاسب الدنیویه والاستئثار بخیرات الناس وإخضاعهم لأهوائهم، وقد تصطدم مصالحهما فیزیّف کل منهما عقیده الآخر {وَقَالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَیْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلَى شَیْءٍ} [البقره: ۱۱۳].

لافتاً الى انهم (أی الیهود والنصارى لم یکتفوا بجعل العزیر والمسیح ابنی الله سبحانه وتعالى عما یصفون وانما وصفوا أنفسهم ایضاً بأنهم أبناء الله وأحبّاؤه سواء على النحو الذی قالوه فی انبیائهم او على نحو الکنایه للتعبیر عن شرفهم ومنزلتهم الرفیقه وقربهم من الله تعالى وهو الظاهر، وبذلک فإن لهم خصوصیه لا یشارکهم فیها أحد کالحصانه من القانون وعدم المحاسبه على أفعالهم مطلقاً لأنهم أبناءٌ مدلّلون محبوبون، فلا یعاملون کسائر الناس، وقد أکّدت الروایات تبنّیهم هذه الدعوه وذکر الإنجیل ذلک([۱]).

ویمکن الاجابه عن ذلک أن الله لیس له قرابه مع أحد ولا یجامل أحداً وإنما یجازى کل إنسان بعمله خیراً کان أو شراً {فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّهٍ خَیْرًا یَرَهُ* وَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّهٍ شَرًّا یَرَهُ} [الزلزله: ۷- ۸]

کما حذرت الآیه الکریمه المسلمین من الوقوع فی مثل هذه الاعتقادات الجاهلیه، وقد حرص الأئمه المعصومون (علیهم السلام) على تحذیر شیعتهم من الاغترار بما ورد فی فضل الموالین لأهل البیت (علیهم السلام) ومنزلتهم عند الله تعالى، حیث کان الأئمه (علیهم السلام) أکثر تشدیداً على من انتسب إلیهم لأن ضررهم على الدین أخطر إن أساؤوا، فمن وصیه الإمام الباقر (علیه السلام) لجابر: (یا جابر، أیکتفی مَن ینتحل التشیّع أن یقول بحبّنا أهل البیت، فوالله ما شیعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه)، إلى أن قال (علیه السلام): (یا جابر، لا تذهبَنَّ بک المذاهب، حسِب الرجل أن یقول: أُحبُّ علیاً وأتولاه ثم لا یکون مع ذلک فعّالاً؟ فلو قال: إنی أحبُّ رسول الله -فرسول الله (صلى الله علیه وآله) خیرٌ من علی (علیه السلام) – ثم لا یتّبع سیرته ولا یعمل بسنته: ما نفعه حبّه إیاه شیئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، لیس بین الله وبین أحدٍ قرابه ، أحبُّ العباد إلى الله عز وجل وأکرمهم علیه أتقاهم وأعمَلهم بطاعته، یا جابر فوالله ما یتقرب إلى الله تبارک وتعالى إلا بالطاعه وما معنا براءه من النار ولا على الله لأحد من حجه، مَن کان لله مطیعاً فهو لنا ولی ومن کان لله عاصیاً فهو لنا عدو، وما تُنال ولایتنا إلا بالعمل والورع)([۲]).


[۱]- نقل الآلوسی فی تفسیره (روح المعانی: مج ۳، ۳۷۱) مقاطع مما جاء فی کتبهم، وذکر السید الطباطبائی فی (المیزان: ۵/ ۲۵۳) مواضع هذه الدعوى فی الأناجیل والتوراه ومزامیر داوود.

[۲] – الکافی، للشیخ الکلینی: ۲/ ۷۴-۷۵، الأمالی، للصدوق:۷۲۵، بحار الأنوار: ۶۷/ ۹۷.

Add A Knowledge Base Question !

+ = Verify Human or Spambot ?

آخر الأخبار