وَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ ائْذَن لِّی وَلَا تَفْتِنِّی أَلَا فِی الْفِتْنَهِ سَقَطُوا – فتنه توظیف العناوین الدینیه لأهواء شخصیه
بسمه تعالى
ألقى سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) خطابه السنوی فی الآلاف من الزوار الوافدین الى النجف الأشرف لتقدیم العزاء لأمیر المؤمنین (علیه السلام) بذکرى استشهاد الصدیقه الطاهره فاطمه الزهراء (علیها السلام).
وقد افتتح سماحته کلمته بقوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ ائْذَن لِّی وَلَا تَفْتِنِّی أَلَا فِی الْفِتْنَهِ سَقَطُوا) (التوبه:۴۹) مشیراً الى أن الآیه الکریمه تکشف عن حاله منافقه یسقط فیها بعض أفراد المجتمع المسلم الذین یتبعون أهواءهم ویکون همهم إرضاء أنانیتهم فهم حینما یریدون التنصل من مسؤولیاتهم الاجتماعیه وواجباتهم تجاه دینهم وأمتهم أو یریدون تحقیق مکاسب شخصیه یسوّقون أعذاراً مغلفه بإطار دینی، متظاهرین بالورع والخوف على الدین من أجل إقناع الآخرین وخداعهم.
کما لفت سماحته (دام ظله) الى خطوره هذا الداء الوبیل وهذه الفتنه الکبرى التی تضمنتها الآیه الکریمه فانها لا تختص بواجب الجهاد (بحسب الأسباب التاریخیه لنزول هذه الآیه) بل تسری على سائر المسؤولیات الشرعیه، حیث تجد الذین فی إیمانهم نقص وفی قلوبهم شک یقدمون أعذاراً واهیه لا تخفى على من یستمع إلیها وربما یتم تسویقها بعناوین ومصطلحات دینیه لتمریرها لکن أعذارهم ونوایاهم الحقیقه لا تخفى على الواعی الفطن.
وقد بینَّ سماحته ان هذه الحاله المنحرفه للهروب من المسؤولیه وتبریر مخالفه أوامر الله تعالى وتسخیر الواجهات الدینیه لتحصیل المصالح الشخصیه موجوده على کل المستویات وأخطرها على الإطلاق ما حصل بعد رحیل رسول الله (صلى الله علیه وآله) حیث برّر الانقلابیون مخالفتهم لرسول الله (صلى الله علیه وآله) فی وصیته بأمیر المؤمنین (علیه السلام) بأنهم خافوا الفتنه إن أمرّوا علیاً (علیه السلام) ولم یتصدوا للسلطه وخلافه النبی (صلى الله علیه وآله).
وأوضح سماحته أهمیه الدور الذی قامت به السیده الزهراء (علیها السلام) فی بیان خطوره الفتنه التی أحدثوها، حیث بینت لهم (سلام الله علیها) أنهم بفعلهم هذا سقطوا فی قعر الفتنه وإن ادعوا أنهم یریدون وقایه الأمه منها، فکشفت (علیها السلام) زیف دعاواهم ونوایاهم الحقیقیه وعظم جنایتهم على حاضر الأمه ومستقبلها حیث جّر هذا الانقلاب الویلات والکوارث على الأمه من تحریف الدین وسفک الدماء وهدر الأموال وتسلط الأشرار وضیاع القیم والمبادئ الإنسانیه وغیر ذلک.
وفی ذات السیاق حذّر سماحته من خطر الفتنه الناتجه عن تصدی غیر المؤهلین لقیاده الأمه والتسلط على رقاب الناس فی ذلک الزمان وفی کل زمان سواء بالخداع والمکر أو بالانقلابات العسکریه أو عبر الانتخابات المزوره أو باستخدام المال السیاسی المسروق من قوت الشعب فینتشر الفساد والانحلال وتسرق ثروات الشعب وتهدر کرامته وتسفک الدماء المحرّمه وتشیع الفوضى ویختل النظام والأمن وتضیع العداله الاجتماعیه ویؤول أمر البلاد الى الخراب.