النخب الجامعیه وقیاده حرکه النهضه والإصلاح

بسمه تعالى

النخب الجامعیه وقیاده حرکه النهضه والإصلاح

 إلتقى(۱)سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) بجمعٍ من أساتذه عده جامعات عراقیه بمکتبهِ فی النجف الاشرف، واستمع الى تقییم الوضع فی الجامعات علمیاً وأخلاقیاً وثقافیاً واجتماعیاً، وتضمّن التقییم شعوراً بالتشاؤم والإحباط من تردّی الوضع، فالمستوى العلمی ضحل فی کثیر من مفاصلها، ومخرجاتُها غیر قادره على النهوض بالدوله، أی ان الغرض المرجو من الدراسه الجامعیه لا یتحقق، وزادت الحاله سوءاً بانتشار الجامعات الأهلیه التی هی فی أغلبها مشاریع تجاریه لجلب الأموال على حساب المستوى العلمی الرصین.

     أما الانحراف الأخلاقی والفکری والعقائدی، فقد أصبح علنیاً ومتعارفاً ولا یجد من ینکره ویحاسب علیه، حتى أصبح الحرم الجامعی مرتعاً لتجاره المخدرات، وتبادل أفلام الفسق والفجور، والعلاقات غیر المشروعه، کما لم یَعُد للجامعی تلک المنزله التی کان یتمتع بها فی أوساط المجتمع، وفقد تأثیره على الناس.

    وإعتبر سماحتُهُ هذا التردی نتیجه طبیعیه للفوضى التی تعم الدوله بسبب ضعف الحکومات وتسلّط الأحزاب على مقدرات الدوله، وهی لا همَّ لها إلا جَنی المکاسب الشخصیه والفئویه وتعبئه الشعب لخدمه مصالحهم ولو أدّى ذلک الى خراب البلد وجوع الشعب، فأصبحت بلاد المسلمین طارده للکفاءات والشباب الذین هم أهم ثروه فی البلاد، وتتلقفهم دول الغرب لتعید الحیویه لبلدانها التی بلغت الشیخوخه، فما تعانیه الجامعات هو مظهر مما یعانیه المجتمع فی سائر جوانب الحیاه.

     لکنَّ سماحتَهُ بدا متفائلاً حین عبَّر عن أملهِ بانبثاق ثلّه طیبه مخلصه شجاعه فاعله من وسط هذا الرکام القاتم لتقود عملیه إصلاح شامله تلبیهً لقوله تعالى {وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّهٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ } (آل عمران:۱۰۴)، وسوف تحظى بتأیید الله تعالى ونصره، ومبارکه المرجعیه الرشیده، ودعم الجماهیر بکل شرائحها.

      والأساتذه الجامعیون والمتخصصون هم نخبه هذه الثلّه انطلاقاً من قول الله تعالى { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل:۴۳)، فهم الذین ینبغی الرجوع الیهم فی مجالات تخصصهم المتنوعه، وهم الأجدر بتحمل هذه المسؤولیه والانطلاق بها، وإن کانت المسیره طویله وملیئه بالأشواک، وهو طریق ذات الشوکه بحسب المصطلح القرآنی.

     وأن ولاده الأمم والحضارات – کأمه الإسلام التی أسسها النبی(صلى الله علیه واله) على أنقاض جاهلیه تعیسه وقادت الحضاره الإنسانیه عده قرون-  لا تکون إلا بعد مخاضٍ عسیر وتضحیاتٍ جسیمه، فکم تتطلب ولاده إنسان واحد من العناء الطویل، ابتداءً من الحمل إلى الوضع إلى التربیه الممتده سنین؟ فکیف بولاده أُمه متحضره عزیزه کریمه؟

     وقد عبّر سماحه المرجع (دام ظله) عن أملهِ بأن تکون عملیه النهوض والإصلاح فی العراق أسرع بکثیر مما علیه الأمم الأخرى، لتَجذّر خصال الخیر والطیبه والشهامه والشجاعه والتضحیه وغیرها من الخصال الکریمه فی نفوس أهلهِ، وإن غطّى علیها غبار الکیانات السیاسیه الفاشله، مستشهداً بالمثال الذی ذکره سابقاً وهو التنظیم الرائع للزیاره الاربعینیه بعد أسبوعین من تغییر عام ۲۰۰۳، حتى ان الزیاره الملیونیه لم تشهد حادثاً مروریاً رغم عدم وجود دوله ولا جیش ولا شرطه، مؤکداً على أهمیه إستثاره هذه المکامن الطیبه وتفجیر الطاقات، وتجمیع شتاتها وتنظیمها بلطف الله تعالى ورعایه الإمام صاحب العصر والزمان (علیه السلام) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ}(محمد:۷).

     کما أشار سماحتهُ الى أهمیه أن تبدأ النخب الصالحه الغیوره من الجامعیین عملهم فوراً ومن دون تأخیر، لإن الجمیع یُدرکون خطوره الوضع الحالی واستمراره فی الانحدار نحو الهاویه، خصوصاً جیل الشباب والأطفال الذین نشأوا على تفاهات وانحرافات جمله من مواقع التواصل الاجتماعی بلا ضوابط، وعلى هؤلاء النخب أن یجتمعوا ویتدارسوا أوضاعهم إنطلاقاً من قول الإمام الصادق (علیه السلام) (أتجلسون وتتحدثون؟ إن تلک المجالس أحبها، فأحیوا أمرنا، فرحم الله من أحیا أمرنا)(۲) وأن یبدأوا بتشخیص وتصنیف المشاکل والمعوقات والتحدیات، ثم تکلیف کل مجموعه بحسب استعدادها لمسؤولیه أحد هذه الملفات، وقد سهّلتْ وسائل التواصل الاجتماعی عملیه إیصال المعلومات والأفکار إلى أوسع قاعده وبلا حدود.

      ودعا سماحته الأساتذه الأفاضل الى تضمین دروسهم العلمیه توجیهات أخلاقیه وارشادات إجتماعیه للطلبه، وتسجیلها بمقاطع مرئیه لبضع دقائق ویبثّونها، فأنها ستؤثّر فی نفوس وعقول کثیرین، مضافاً إلى الطلبه الحاضرین فی قاعه الدرس.

     کما یمکن القیام بأنشطه و فعالیات جامعیه ـ کالتی تقوم بها مؤسسه ملتقى العلم والدین ـ والتی تعزّز الأخلاق الفاضله، والفکر السلیم، والهویه الأصیله، وبث الروح الوطنیه، والاعتزاز بالانتماء إلى هذه الأرض الطیبه، والبلد العریق.

     هذا ویُذکَر إن سماحه المرجع (دام ظله) کان قد أطلق مبادرهٍ للتنبیه من خطر المخدرات وسرعه فتکها بالمجتمع مستثمراً أجواء الزیاره الشعبانیه الفائته والتی شهدت فعالیات متنوعه، بأن یکون شعار الملایین (المخدرات إرهاب خفی)، وشارکت فیها المؤسسات الدینیه والرسمیه والاجتماعیه، وخلقت وعیاً عاماً لمکافحه هذه الآفه المهلکه، وقد کُللّت بالنجاح بلطف الله تبارک وتعالى وتسدیده.


[۱] – یوم الخمیس ۱۹-المحرم-۱۴۴۴ الموافق ۱۸-۸-۲۰۲۲

[۲] – بحار الأنوار، ج۴۴، ص۲۸۲، الحدیث رقم ۱۴.

Add A Knowledge Base Question !

+ = Verify Human or Spambot ?

آخر الأخبار