القى سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) درس التفسیر الأسبوعی على جمع من طلبه الحوزه العلمیه بمکتبه فی النجف الاشرف فی ضوء الایه الکریمه {وَسِیقَ الَّذِینَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّهِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَیْکُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِینَ} (الزمر: ۷۳).
وأستهل سماحتُهُ درسه بقول امیر المؤمنین فی وصف أحوال هؤلاء عندما قرأ الآیه موضوع الدرس: (قد أمن العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النار، واطمأنت بهم الدار، ورضوا المثوى والقرار، الذین کانت أعمالهم فی الدنیا زاکیه، وأعینهم باکیه. وکان لیلهم فی دنیاهم نهارا، تخشعا واستغفارا، وکان نهارهم لیلا توحشا وانقطاعا، فجعل الله لهم الجنه مآبا، والجزاء ثوابا، وکانوا أحق بها وأهلها، فی ملک دائم، ونعیم قائم).
وبعد بیانه للمعنى اللغوی لکلمتی (سیق) و(الزمر).. أوضح عده وجوه لتفسیر (سوق) المؤمنین على شکل مجامیع (زمراً)، منها: إنهم یساقون بهذا الشکل لان طاعتهم کانت جماعیه کالحج وصلاه الجمعه والجماعه وزیاره المعصومین (علیهم السلام) والاعمال الخیریه ولیأنس بعضهم ببعض فیعوضهم الله تعالى عن الوحشه والخذلان الذی لاقوه فی الدنیا بحیث أصبحوا معزولین عن الأغلبیه مجتمع أهل الدنیا.
وفی ذات السیاق لفت سماحته الى الإیحاء الذی تضمنهُ التعبیر (الزمر) من تأثیر الانتماء الى الجماعه فی سلوک الفرد وفی استحقاقه، حتى انه، یحشر الى الجنه او النار بلحاظ إنتمائه، حیث ورد التأکید فی الروایات على إن معرفه الشخص تتم من خلال معرفه الجماعه التی ینتمی لها فان کانوا من اهل الصلاح کان منهم ظاهراً وان کان من أهل الظلال کان منهم کذلک.
کما أجاب سماحته بثمانیه أجوبهً عن سؤال أثیر ولفت انظار الکثیر من المفسرین وهو ان کلمه (سوق) تتضمن الدفع قسراً بالنسبه لأهل النار وسبب ذلک واضح لأنهم یُرغمون ویُدفعون الیها دفعاً {یَوْمَ یُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} (الطور:۱۳) الا ان سبب (السوق) الذین إتقوا الى الجنه بهذه الکیفیه غیر واضح- لأنهم یسرعون الیها مبادرین فقد تحققت غایه مناهم وما کانوا یأملون- ویتوجهون الى الجنه بتلهفٍ واشتیاقٍ.
ومن تلک الأجوبه:
أن الذین اتقوا لمَّا یُنادى بهم لدخول الجنه یبقون فی المحشر لأمرٍ ما ویتأخرون عن دخول الجنه فتحثّهم الملائکه على دخولها وهو معنى السوق.
أو للوفاء بالعهد مع إخوانهم المؤمنین کما فی المؤاخاه المذکوره فی أعمال یوم الغدیر (أن لا أدخل الجنه إلا وأنت معی)، أو لانهم – لتواضعهم وحسن ادبهم- لا یریدون سبق إخوانهم فی الدخول الى الجنه فینتظرون الرفقه لیدخلوا زمراً وجماعات او لکی یُعرف قدرهم کما فی الحدیث الوارد فی شفاعه الصدیقه الکبرى فاطمه الزهراء (علیها السلام).
وأنهى سماحتُهُ (دام ظله) الدرس بالجواب الثامن من الذی یرد على التساؤل الانف فی الذکر.. وهو ما یُستفاد من بعض الروایات فی فضل زیاره الإمام الحسین (علیه السلام) ونصرته لإقامه دین الله تعالى ونشر ولایه أهل البیت (علیهم السلام) وهی من سیماء الذین اتقوا {ذَلِکَ وَمَن یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: ۳۲)، فقد روى زراره عن الإمام الباقر (علیه السلام) أو الصادق (علیه السلام) أنه قال: (یا زراره إذا کان یوم القیامه جلس الحسین (علیه السلام) فی ظل العرش وجمع الله زواره وشیعته لیبصروا من الکرامه والنصره والبهجه والسرور إلى أمر لا یُعلم صفته إلا الله فیأتیهم رسل أزواجهم من الحور العین من الجنه فیقولون إنا رُسل أزواجکم إلیکم یقلن: إنا قد اشتقناکم وأبطأتم عنا فیحملهم ما هم فیه من السرور والکرامه على أن یقولوا لرسلهن: سوف نجیئکم إن شاء الله).