.

المرجع الیعقوبی: التبلیغ والدعوه الى الله تبارک وتعالى هی رساله الانبیاء(علیهم السلام) .. ولا تتم إلاّ بممارسه الحوزه العلمیه دورها من خلال نشر العلم والوعی والبصیره بین الناس على أوسع نطاق

بسمه تعالى

الأربعاء

 ۳/صفر المظفر/۱۴۴۴

الموافق ۳۱/۸/ ۲۰۲۲

أکّد المرجع الدینی سماحه الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) على ضروره النظر بعین الاهتمام والمسؤولیه للجنبتین المتلازمتین اللتین دعت إلیهما آیه (النفر) الشریفه {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَهٍ مِنْهُمْ طَائِفَهٌ لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ} (التوبه: ۱۲۲)، وعدم التفکیک بینهما بحالٍ من الأحوال، وهما طلب العلم والدعوه إلى الله وتبلیغ أحکامه.

وتأسّف سماحتُهُ (دام ظله) – خلالَ کلمهٍ ألقاها بمکتبهِ فی النجف الأشرف، على جمعٍ من الفضلاء وطلبه العلم، قبل شروعهم بمهمه التبلیغ الدینی، خلال أیام الزیاره الاربعینیه المبارکه- على الثقافه السائده فی أوساط الحوزه العلمیه وبین الکثیر من طلبه العلم حیث یُقصِرون إهتمامهم على المسؤولیه الأولى التی دعت الیها الآیه الکریمه، وهی طلب العلم والتحصیل والاشتغال بالدروس فقط، دون النظر الى المسؤولیه الأخرى، وهی الدعوه الى الله تعالى وتبلیغ أحکام الدین والعقائد الحقه، وتوعیه الناس وتبصرتهم.

وأعتبر سماحتُهُ (دام ظله) أن هذا النمط من التفکیر یکشف عن قصورٍ فی فهم هذه الآیه الکریمه وخللٍ فی تطبیق مصادیقها على أرض الواقع، کإبتعاد عن ما أرادهُ الشارع المقدس عبر الموروث الروائی عن أئمه اهل البیت (D)، إذ ورد فی الحدیث الشریف عن الإمام الصادق (A) (إن تلک المجالس أحبها، فأحیوا أمرنا، فرحم الله من أحیا أمرنا)([۱]).

وروى الهروی فی عیون أخبار الرضا (ع) قال: (سمعت أبا الحسن علی بن موسى الرضا (علیه السلام) یقول: رحم الله عبد أحیا أمرنا فقلت له: وکیف یحیی أمرکم؟ قال: یتعلم علومنا ویعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن کلامنا لاتبعونا)([۲])

وهذا من أوضح مصادیق تتمه الآیه الکریمه (وَلِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ لَعَلَّهُمْ یَحْذَرُونَ)، لافتاً الى عدم کفایه الانکِفاء على الدروس والتحصیل (لأن ذلک یمثل نصف الطریق، ولا تتحقق به الغایه أبداً) مالم یقترن بالفهم الصحیح لمسؤولیاتنا کطلبه علمٍ، فلنلتزم بها ونتحرک باتجاهها، على أوسع نطاق وبکلِ الوسائل المتاحه ( الممکنه).

وأوضح سماحتُهُ إن التبلیغ هو رساله الأنبیاء (D) ووظیفتهم {الَّذِینَ یُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَیَخْشَوْنَهُ وَلَا یَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَکَفَى بِاللَّهِ حَسِیبًا} (الأحزاب:۳۹)، وفی ضوء ذلک ینبغی لطلبه العلم أن یقتدوا بهم (D) وأن یتحلّوا بالشجاعه وأن یخرجوا من ربقه القیود التی فرضتها التقالید الموضوعه وأصبحت متعارفه الآن، ولا أساس شرعیاً لها، بل هی خلاف سیره المعصومین (D) وما جرى علیه الکثیر من العلماء العاملین الذین قالوا کلمتهم وأخلصوا لله تبارک وتعالى ولم یضعوا نصب أعینهم الا الله عز وجل فَخَلُدَ ذِکرهم فی سجل الخالدین وما قیل او یقال فی تثبیط عزائم الحوزه العلمیه، وتبریر قعودهم عن أداء رساله التبلیغ، وهمٌ من تسویلات الشیطان {إِنَّمَا ذَلِکُمُ الشَّیْطَانُ یُخَوِّفُ أَوْلِیَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ} (آل عمران: ۱۷۵)

 وأبدى سماحته (دام ظله) أسفهُ لهذا الحال ولشیوع هذه (الثقافه) التی یعمل (البعض) على تکریسها فیجری علیها السواد الأکبر من طلبه العلم بطریقه السلوک الجمعی من دون تفکیر أو تأمل.

 وتساءل سماحتُهُ مستغرباً!! ألم یکن رسول الله (۹) خطیباً؟ ألم یکن أمیر المؤمنین (A) خطیباً؟ ألم یکن الإمامان الحسن والحسین (C) خطیبین؟! إذن فلماذا یعتبر حدیث العلماء المباشر مع الأمه نقصاً أو مثلبهً؟! ولماذا لا تسمع الامه مباشرهً من قادتها وتأخذ الکلام من عین صافیه، وبین أیدینا الکثیر من تراث الإمام أمیر المؤمنین (A) وکان من جمله توصیاته لقثم بن العباس عاملِهُ على مکه (ولا یکن لک الى الناس سفیراً الا لسانک ولا حاجباً الا وجهک)([۳])، ای لتسمع الناس منکم مباشره من دون واسطه تتحدث نیابه عنکم ونحو ذلک، وهذه هی سیاسه أمیر المؤمنین (A) وهذا هو أدب المعصومین (D) الذی ینبغی السیر على هداه والأخذ به.

 وکرّر سماحتُهُ (دام ظله) دعوتهُ لاغتنام أجواء الزیاره الاربعینیه المبارکه فی الدعوه الى الله تبارک وتعالى، وتوعیه الناس وإرشادهم ونبذ کل عوامل التفرقه والتقاطع، فقد أخذت الناس ترتقب هذه الزیاره من عام إلى عام وهی فرصه کبیره للملایین لأن یلتقوا بطلبه الحوزه العلمیه ویسمعون منهم مباشرهً ویشاهدون مواکب الوعی والإرشاد ویعیشون أجواء روحیه سامیه یفیضها الله تعالى کرامه لأبی الأحرار (علیه السلام) لأنهم منقطعون طول السنه عن مراکز الاشعاع الدینی ومنشغلون بهموم الحیاه.

 کما أن هذه الزیاره المبارکه أصبحت بفضل الله وبمرور الزمن ملتقىً عالمیاً  کبیراً تجتمع فیه مختلف الجنسیات و القومیات، وهی سوق رائجه للدعوه إلى الله وبث الوعی والمعرفه، مستشهداً بالحدیث الشریف الذی روته السیده الزهراء (B) عن رسول الله (۹) حیث قالت سمعت أبی (۹) یقول: (إن علماء شیعتنا یحشرون فیخلع علیهم من خلع الکرامات على قدر کثره علومهم وجدّهم فی إرشاد عباد الله حتى یخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعه من نور، ثم ینادی منادی ربنا عز وجل: أیها الکافلون لأیتام آل محمد والناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم)([۴]).

 وأشار سماحتُهُ الى الأمرین المهمین الواردین فی الحدیث وهما شرط الفوز بخلع الکرامات، وأولها (کثره علومهم) وهذا وحده لا یکفی لتحقق المطلوب، بل یعود بالنفع على نفس الطالب بأن یصبح (علّامه) مثلاً، أو یُلقی الدروس العالیه کـ(الکفایه والمکاسب) ویجتمع حوله عدد من الطلبه، کل هذا وحده لا یکفی، ما لم یتحقق الشرط الثانی وهو (جِدُهم فی إرشاد عباد الله) وهذا هو الهدف الأهم والغایه من ذلک، ففی تتمه الحدیث الشریف (أیها الکافلون لأیتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذین هم أئمتهم، فهؤلاء الناس أیتام انقطعوا عن آبائهم الحقیقیین (یا علی أنا وأنت أبوا هذه الأمه)([۵]، وحُرِموا من برکاتهم.

 ثم وجه سماحتُهُ خطاباً الى هذا التجمع من الفضلاء والى جمیع أساتذه وفضلاء الحوزه العلمیه الشریفه: (وأنتم أیها العلماء ورثه الانبیاء کما جاء فی الحدیث الشریف( العلماء ورثه الأنبیاء)، وأنتم أیضاً بمثابه الآباء لهذه الأمه وهؤلاء (أیتامکم) ویقعون تحت مسؤولیاتکم، فبادروا ولا تدّخِروا وسعاً فی هدایتهم ورعایتهم، فمن یدری لعل بعض هؤلاء (الأیتام) یستوقفنا یوم الحساب ویأخذ بتلابیبنا، ویقول أنا جارک أو أنا البقال الذی کنت تشتری منه أو: أنا سائق التکسی الذی کنت تستأجرُهُ أو أنا زمیلک فی العمل أو رفیقک فی سفره الحج، وقضینا أیاماً معاً ولم تعلمنی هذه المسأله ولم تصحّح لی الوضوء والصلاه ولم ترشدنی الى هذا الخیر، ولم تحذرنی من ذلک السوء، ولم تذکرنی بهذه الموعظه، ونحو ذلک.. وعلى ذلک یمکنکم أن تقیسوا على ذلک فکم من شخص سیوقفنا یوم القیامه وسنسأل عنه، وعن حقه؟

وفی ختام کلمته دعا سماحته (دام ظله) المبلغین لأن تکون لهم نظره میدانیه فاحصه بحیث یعرفون ما ینبغی التحدث به مع الزوار بمختلف أجناسهم وجنسیاتهم وانتماءاتهم وبما یقتضیه الوضع الراهن والمناسبه والتحدیات المعاصره والمسائل والمشاکل المستحدثه فکریاً وعقائدیاً واجتماعیاً وأخلاقیاً، وعلى رأس هذه الأمور حثّ الناس على إقامه صلاه الجماعه فی کل أوقات الصلاه، وشرح الأحکام الشرعیه الأساسیه کالوضوء والصلاه والرجوع الى المرجع الدینی الجامع للشرائط فی سائر الامور مضافاً إلى کلمات الموعظه والإرشاد والتوجیه بما ینفعهم فی ظل الفتن المتتالیه على العالم الإسلامی، حتى لا یکونوا فریسه للمطامع الشبهات والمزالق.

وأن یقرأوا حرکه الامام الحسین (علیه السلام) بوعی وبصیره ونحن نصفه (علیه السلام) فی الزیاره الاربعینیه بأنه (وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فیکَ لِیَسْتَنْقِذَ عِبادَکَ مِنَ الْجَهالَهِ وَحَیْرَهِ الضَّلالَهِ)([۶]) فلا یصح أن تعود الملایین من زیارته (علیه السلام) وهی خالیه من الزاد الروحی.

کما أوصى سماحته (دام ظله) بالتذکیر بالأمام المهدی (عجل الله فرجه) والتعریف بقضیتهِ المقدسه وسُبل إحیائها، والتمهید لها بالشکل الصحیح وتفنید الادعاءات التی تنسب له بشکل او بآخر.

Add A Knowledge Base Question !

+ = Verify Human or Spambot ?

آخر الأخبار