ظهور مهدی آل محمد (علیهم الصلاه والسلام).. أعظم الفتوحات
ظهور مهدی آل محمد (علیهم الصلاه والسلام).. أعظم الفتوحات
بسمه تعالى
الأربعاء ۱۷- شعبان -۱۴۴۵
الموافق ۲۸-۲-۲۰۲۴
أکدّ سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) ان ظهور مهدی آل محمد (صلوات الله تعالى علیهم اجمعین) هو من أعظم الفتوحات لأن به تحقیق غرض الرسالات الإلهیه وظهور دین الله تعالى على کل الأدیان وإزاله کل الموانع.
وبیّن سماحتُهُ خلال درس تفسیر القرآن الکریم الأسبوعی، الذی یلقیه على جمعٍ من أساتذه وفضلاء وطلبه الحوزه العلمیه بمکتبه فی النجف الاشرف، وکان فی ضوء الآیه ۲۹ من سوره السجده المبارکه {قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لَا یَنْفَعُ الَّذِینَ کَفَرُوا إِیمَانُهُمْ وَلَا هُمْ یُنْظَرُونَ}، إن انتظار الفرج والیوم الموعود المبارک مما أمر به القرآن {وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} [السجده: ۳۰]، بل روی عن رسول الله (ص): (أفضل أعمال أمتی انتظار الفرج)([۱]) وهو الانتظار الإیجابی الذی یقود إلى کل خیر یعجل بظهور الإمام ویسرّ قلبه ویرضیه عنا ویؤهلنا لأن نکون من أنصاره ونستثمر کل فرصه فی ذلک، قال أمیر المؤمنین (ع): (الفرصه تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخیر)([۲])، ویبِّعد عن کل شر وسوء یحزن قلب الإمام کمن ینتظر امتحاناً مصیریاً فی دراسته فإنه یبذل کل جهده ویصبر ویثابر للاستعداد له حتى ینجح فیه بل یتفوق.
وفی ذات السیاق التفسیری أوضح سماحتُهُ ان الآیه الکریمه تعکس صوره لتصّدی القرآن الکریم لدعاوى وشبهات الخصوم والإجابه عنها بما یناسبها وعدم ترکها لتشوش فکر ضعاف الإیمان وتزلزل عقائدهم.
کما أنها تنقل نموذجاً لطغیان أعداء الإسلام المتمثلین یومئذ بقریش وحماقتهم إذ لم ینفع معهم التحذیر المتقدم {وَلَنُذِیقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَکْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُکِّرَ بِآیَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِینَ مُنتَقِمُونَ} [السجده: ۲۱-۲۲]، بل إنهم کانوا یتحدَّون النبی (ص) ویطالبونه بأن یفتح الله تعالى له وینزل علیهم النقمه والعذاب التی هدّدهم بها إن کان صادقاً {وَیَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن کُنتُمْ صَادِقِینَ} [السجده: ۲۸]، ولا یعلمون أن الله تعالى إنما یؤخره شفقه علیهم ولإعطاء مزید من الفرص للتوبه والرجوع إلى الله تعالى لأنه إذا جاء یوم الفتح فإنه لا یدفع عنهم العذاب الذی یستحقونه ولا یؤخر ولا تعطى لهم فرصه التوبه والرجوع إلى الحق، فإن سنه الإمهال جاریه إلى أمدٍ معین، ولا ینفعهم شیء حتى لو آمنوا بالله تعالى لأن إیمانهم سوف لا یکون عن إسلام بل استسلام فلا یکون صادقاً ولا تکون له قیمه.
ومع تعدد معانی (الفتح) التی أشار لها، لفت سماحتُهُ الى نکته جوهریه مفادها، ان الفتح الحقیقی إنما یبدأ من انفتاح القلب على الایمان بالله تعالى وانشراحه، وطهاره النفس وانطلاق الأعضاء فی طاعه الله تعالى والتحرّر من قیود الرذیله والانحطاط وإتباع الأهواء والبعد عن الله تعالى، وما الغرض من بعثه النبی (ص) إلا تحقیق هذا الفتح للناس من الأولین والآخرین وتخلیصهم من أغلال الجاهلیه النفسیه والاجتماعیه والفکریه والعقائدیه والأخلاقیه وفی سائر شؤون الحیاه، ومن دون حصول هذا الفتح لا ینتفع الإنسان حتى بالفتح الأکبر بظهور الإمام المهدی (عج).
إذ لا یختص معنى (الفتح) بالنصر العسکری کما هو واضح من سیاق عدد آیات القرآن الکریم فقد تقع الفتوحات دون نصر حربی عسکری، وان هذا النصر من مقدمات وأسباب الفتح الذی یحصل وقد لا یحصل، قال الله تعالى {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ۱] وقوله تعالى {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِیبٌ} [الصف: ۱۳] بل إن النصر العسکری لا تکون له قیمه إلا بمقدار أدائه لغرضه وهو الفتح المعنوی بإحقاق الحق وإبطال الباطل وإقامه حکم الله تعالى وإرساء العداله الاجتماعیه بین الناس، وفی ضوء هذا یجب تقییم ما تسمى بالفتوحات الإسلامیه التی حصلت بعد وفاه النبی (ص) وسائر الحروب عبر التاریخ.
[۱] – بحار الأنوار: ج ۵۰، ص ۳۱۷.
[۲] – نهج البلاغه: ج ۴، ص ۶، بشرح محمد عبده.