المرجع الیعقوبی یستنکر الانتهاکات الدینیه والأخلاقیه والوطنیه التی حصلت فی عید الاستقلال ویحذّر من الخطط والمکائد المغلّفه التی یحوکها أعداء الإسلام ویدعو الى نهضه مقاومه لحرکتهم
بسمه تعالى
خلال کلمته فی مؤتمر أئمه المساجد فی العراق
المرجع الیعقوبی یستنکر الانتهاکات الدینیه والأخلاقیه والوطنیه التی حصلت فی عید الاستقلال ویحذّر من الخطط والمکائد المغلّفه التی یحوکها أعداء الإسلام ویدعو الى نهضه مقاومه لحرکتهم
الخمیس ۱۹/ربیع الأول/۱۴۴۵
الموافق ۵/۱۰/۲۰۲۳
أکد سماحه المرجع الدینی الشیخ محمد الیعقوبی (دام ظله) أن جوهر الصراع مع أعداء الإسلام، و سرّ استمرارهم الدائب على شنّ الحروب على المسلمین فی کل زمان ومکان، هو أنهم یریدون انتزاع الدین من المسلمین، لأنه یغیظهم ویثیر حسدهم ویکشف انحطاطهم، ویرعبهم ویفشل مشاریعهم، فلا یستقر لهم قرار حتى یحرمونهم (المسلمین) من هذه الجوهره الثمینه التی هی أعظم نعم الله تعالى على الناس، ویُعیدوهم إلى حیاه الجاهلیه المنافیه للمبادئ السامیه والفطره الإنسانیه النظیفه، لافتاً فی الوقت نفسه إلى أن سلب الدین هو الفتنه الکبرى التی تزید على قتل النفس، وقد أشار إلیها القرآن الکریم بقوله تعالى: {وَالْفِتْنَهُ أَکْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} لأن فیها إزهاقاً للحیاه الباقیه الخالده، وحرماناً من جنات النعیم، وهذا المعنى شامل لکل فتنه تٌبعِد عن الدین سواء کانت فکریه أو أخلاقیه أو اجتماعیه أو سیاسیه، حتى لو غُلٍفت بغطاء دینی لخداع الناس،
وفی هذا السیاق استنکر سماحتُهُ بشده ما حصل قبل یومین من انتهاکات للقیم الدینیه والأخلاقیه والوطنیه فی احتفالات الفسق والفجور التی أقیمت بمناسبه العید الوطنی للاستقلال.
وتأسف شاجباً کل هذه الممارسات التی تسیء لتاریخ العراق بلد الإسلام والمقدسات وتستهین بتضحیات العلماء والمفکرین والشرفاء الذین أعطوا العراق رونقه الحضاری فی ثوره العشرین وما بعد ثوره العشرین، من أجل نیل الاستقلال لبلدنا العزیز، فیٌحتَفى بهذه الطریقه التی یستدعى فیها مجموعه من التافهین والتافهات للاستعراض فی بغداد.. فهل هؤلاء الفسقه هم الذین حرروا العراق أو ساهموا فی استقلاله؟! وتسائل سماحتُهُ کیف تمر هذه الفعالیه المشینه وتغض الحکومه الطرف عنها ولا تحاسب القائمین علیها؟!
وأوضح سماحتُهُ (دام ظله) فی کلمه ألقاها فی ضوء الآیه الکریمه {وَلَا یَزَالُونَ یُقَاتِلُونَکُمْ حَتَّى یَرُدُّوکُمْ عَنْ دِینِکُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقره: ۲۱۷] فی المؤتمر الثالث لأئمه المساجد والحسینیات فی العراق الذی یقام تحت شعار (المسجد المثالی المنطلق الأساسی للعمل الإسلامی) بإشرافٍ من مکتب المرجیه الرشیده، أوضح إن أعداء الإسلام – بتشکیلاتهم المختلفه فکریاً وعقائدیاً – مستمرون بشنّ الحروب على المسلمین بلا هواده، وإن تظاهروا بالسلام أحیاناً وبالصداقه أخرى أو بالتحالفات السیاسیه والأمنیه والاقتصادیه وغیر ذلک، داعیاً إلى الحذر وعدم الغفله من الخدیعه أو الاستدراج، وهذه هی الحقیقه التی نبّه علیها القرآن الکریم فی مواضع عدیده کقوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْکَ الْیَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقره: ۱۲۰] وقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَکْفُرُونَ کَمَا کَفَرُوا فَتَکُونُونَ سَوَاءً} [النساء: ۸۹] وغیرها من الآیات الکریمه.
کما أشار سماحتُهُ إلى إن حروب الأعداء لا تقتصر على الممارسات العسکریه وإرسال الجیوش وآلات القتال، وإنما یشنّون علینا حروباً أخطر وأخفى وأعقد ومنها الحرب الناعمه بأشکالها العدیده، فبالخمر والنساء والحفلات الماجنه وإلقاء الخلافات والمنازعات بین الحکام قضوا على وجود الإسلام فی بلاد الأندلس الذی أستمر ثمانمائه عام، ومن أسالیبهم الناعمه غسیل الدماغ والتخریب الثقافی والأخلاقی وتحریف الدین وتحویله إلى طقوس شکلیه لا أثر لها فی سلوک المجتمع وتسویق صوره جدیده له تلائم رؤیتهم والترویج لها ودعم مؤیدیها، کمشروع الدین الابراهیمی مثلاً، أو الإسلام على طریقه الفاتیکان، لأن خصمهم الذی یخشونه هو الإسلام المحمدی الأصیل الذی تقوم حیاه الناس على أساسه ویزید فی وعیهم وبصیرتهم لا دین الجهل والخرافات والدجل لافتاً إلى أنهم (الأعداء) قد طوروا أدواتهم وأسالیبهم الیوم بشکل مذهل وخطیر ومؤثر وأوصلوا مکرهم وشیطنتهم إلى کل دار وأصبحت أجهزتهم الفتّاکه وبرامجهم السامه فی متناول الطفل الصغیر قبل الشخص الکبیر.
وفی سیاقٍ متصل شدد سماحتُهُ على ضروره الحذر من الخطط المغلّفه للأعداء بعناوین مغریه کالحریه والتقدم والدیمقراطیه وحقوق الإنسان وتمکین المرأه ورعایه الطفل ومکافحه العنف الأسری وغیر ذلک حتى انهم أعلنوا ان حربهم سیاسیه أو اقتصادیه او ثقافیه او استعماریه لضرورات الامن القومی فإن هدفهم واحد هو إطفاء نور الإیمان فی قلوبکم والاستقامه فی سلوککم وتحویل الناس إلى قطیع من البهائم همّها شهواتها لیسوقوهم بلا وعی ولا بصیره إلى ما یرید هؤلاء الشیاطین وهو ما أوصلوا إلیه الشعوب الغربیه.
ثم بیّن سماحتُهُ إن مؤامرات ومکائد أعداء الإسلام مهما کانت.. ومهما شنّوا من حروب ظالمه فإنهم لا یستطیعون إطفاء نور الحق وزعزعه المؤمنین الذین ذاقوا حلاوه الإیمان وأُشربوا حب الله تعالى فی قلوبهم، ودعا سماحتُهُ (دام ظله) إلى الالتفات للتحذیر الشدید الذی ورد فی القسم التالی من الآیه الشریفه {وَمَنْ یَرْتَدِدْ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَیَمُتْ وَهُوَ کَافِرٌ فَأُولَئِکَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَهِ وَأُولَئِکَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِیهَا خَالِدُونَ} [البقره: ۲۱۷] وهو بیان عاقبه من تغریه الدنیا ویخضع للشهوات ویبتعد عن دینه فإنه سیخسر دنیاه لأنه سیُنبذ من المجتمع ویُحرم من الحقوق والامتیازات المادیه والمعنویه التی یتمتع بها المؤمنون، ویخسر آخرته أکیداً وهذه نهایه من تغریه الحیاه الدنیا کالغرب فیذوبون فی انحطاطهم وتسافلهم أو من تفتنهم الأموال والمناصب والشهره فیتخلون عن دینهم، وغیرهم کثیر ممن یتبعون شهواتهم ویزیّن لهم الشیطان قبیح الأفعال.
وفی نهایه کلمته دعا سماحتُهُ (دام ظله) المؤمنین وخاصه أئمه المساجد وأئمه الجمعات وغیرهم من طلبه العلم المتصدین للمسؤولیات الدینیه والاجتماعیه إلى النهوض بحرکه دؤوبه – تقاوم حرکه الأعداء – وتتغلب علیها لنصره الإسلام وإنقاذ أهلهم من مخالب الشیاطین التی غرزوها فی عقولهم ونفوسهم وعدم الانشغال عن هذه المنازله الکبرى بأی شیء، تأسّیاً بالعلماء الواعین المخلصین الذین أدرکوا حیل الشیاطین ووعوا أهدافهم فی إبعاد الناس عن دینهم وعن قادتهم الحقیقیین.
